أبو قحطان خالد بن قحطان «ق: 3 هـ»
ادريس بن بابا باحامد -
لا ريب أن لكل أمة من الأمم رجالا وعلماء يستنيرون بهم إذا احلولكت الظلمات، وتشعبت السبل، وتنوعت المسالك، ليروا بهم النور، فيكونوا مشاعل علم وهدى، ومنارات فكر واقتداء، والأهم من ذلك أن تجد رجالا شهد لهم التاريخ برسوخ القدم في القيادة والفكر، لا في محيطهم فحسب بل ذاع صيتهُم ليشمل العالم أجمع، لما تميّزوا به من فكري عالمي، له أصول ومبادئ، ولا يتسنى لنا الحكم بذلك إلا إذا غصنا في غمار تراثهم العلمي، أو على الأقل مؤلفاتهم العلمية، وإن شئت صرا أكثر فقل في آثارهم وإن كانت نزرا يسيرا، إذ العبرة بالأثر لا بالكم والكثرة، ومن علماء الأمة المشهورين بذلك، علماء عمان، لذا حاولت تخصيص بعض الحديث عن بعض الشخصيات العمانية التي تميزت بأفكار عالمية دعت إلى ذلك تحقيقا وتحريضا وبيان أهمية، وهذا من شأنه أن يقرِّب بين الأمم والشعوب، ويؤكد الدور البارز للعلماء المسلمين عموما والعمانيين خصوصا في بث روح التآلف والتكاتف والتعاون، ونبذ العنف والكراهية، وتأكيد معالم الحرية ونبذ العبودية، والدعوة إلى تحقيق التعايش السلمي وإن اختلفت الأجناس والأعراق، والعقائد والأفكار، وسوف يكون الحديث عن علماء من القرون الهجرية الأولى وغيرها إلى أن نصل إلى علماء في وقتنا المعاصر، وهذا لنؤكد أن المنهج السلمي التعايشي سلسلة تميز بها هؤلاء العلماء ولم تنقطع أبدا، يتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل، فما على هاته الأجيال إلا الحفاظ عليها، والتأكيد على ما جاء في هاته الأفكار من قيم. وقد ارتأيت أن تكون هذه السلسلة منضوية تحت مسمى (عالم وفكرة) أو (علماء وأفكار).
هو الشيخ الفقيه النحرير خالد بن قحطان أبو قحطان الخروصي الهجاري، عاش في القرن الثالث الهجري، والتاسع الميلادي، على أن الشيخ سيف بن حمود البطاشي - رحمه الله تعالى- أشار في كتابه إتحاف الأعيان إلى أن الشيخ أبا قحطان عاش في القرن الرابع الهجري، ولعل الصحيح ما أثبته نظرا لعدة مصادر ومراجع أثبتت ذلك، ينتمي الشيخ إلى قرية الهجار الواقعة في وداي بني خروص، اشتهر بالعلم والعمل أدرك إمامة الصلت بن مالك الخروصي، وكان ممن كره عزل الإمام الصلت، أخذ العلم عن علماء أمثال: الشيخ محمد بن جعفر، وأبي عبدالله محمد بن محبوب، وابنيه: بشير بن محمد بن محبوب، وعبدالله بن محمد بن محبوب، ويعد الشيخ ممن عاصر غسان بن الخضر الصلاني أبا مالك، له مواقف وآراء مهمة في العقيدة والفقه لعل كثيرا منها ضمن جامعه، له عدة مؤلفات أهمها: الجامع. ينظر: محمد ناصر، سلطان الشيباني، معجم أعلام الإباضية، قسم المشرق.
فكرته: «من اتبع الحق سلم ومن زال عنه خسر وأثم»(السير والجوابات، ج 1، ص 154).
بعض المقولات يحق للمرء أن يتخذها دساتير في حياته، كما هو حال فكرة عالمنا اليوم، والتي تشير إلى أنَّ المرء متى ما اتبع الحق سلم، ومتى ما انحرف عنه خسر وأثم، فكم من الناس من يعاني الويلات في حياته، ولا يعلم سببها ولا مصدرها، ولا كيفية التخلص منها، فالحل السحري بين يديه في حقيقة الأمر، وهي اتباع الحق، فعلى الطالب مثلا إن أراد الفلاح في دراسته أن يتبع الحق وذلك بقبول نصيحة الناصحين بالاهتمام بعلمه؛ حيث يوجد وقتا للمذاكرة والتحضير والمدارسة. وكذا العاصي فهو فالح إن هو اتبع الحق المتمثل في ترك المعصية وكل ما يجلبها إليه. والمريض كذلك؛ إن أراد مقدمات وأسباب الشفاء التزم بما يأمره الطبيب من حمية ودواء وهذا هو الحق في مجاله، وليقس على هذا ما لم يقل، فاتباع الحق سلامة، ومجانبته مهلكة وإثم ومهانة.